4.2.2 ربط الإجراءات المبكرة بالحماية الاجتماعية

summary

ما هي الحماية الاجتماعية وما مدى ارتباطها بحركة الهلال الأحمر وغيرها من المنظمات الإنسانية في ما يتعلق بالتمويل القائم على التنبّؤ؟

يعدّ توسيع نطاق مقاربة التمويل القائم على التنبّؤ ودمجها في هيكليات إدارة المخاطر الوطنية أمرًا مهمًا لضمان استدامتها وفعاليتها. يعتمد اتخاذ الإجراءات الاستباقية على قدرة النظام على تحديد الآثار المحتملة والأشخاص الذين سيحتاجون إلى الدعم مسبقًا لتنفيذ الإجراءات بفعالية في الفترة الزمنية القصيرة الممتدّة بين التنبّؤ وحدوث الخطر.

مع ازدياد المخاطر المرتبطة بالمناخ، أصبحت الحماية الاجتماعية المراعية للمناخ مهمة كونها تساهم في حماية الأشخاص من آثار الصدمات وعوامل الإجهاد المناخية، بما يضمن حماية ممتلكاتهم وسبل معيشتهم. توفّر هذه المذكّرة ملخّصًا عن الفرص والتحدّيات الأساسية في ربط التمويل القائم على التنبّؤ بالحماية الاجتماعية، كما تقدّم إرشادات حول كيفية دعم الجمعيات الوطنية والشركاء الإنسانيين الآخرين لهذا الدمج.

تُعتبر الحماية الاجتماعية مصطلحًا عامًا يصف البرامج والسياسات الوطنية ودون الوطنية الهادفة إلى معالجة الفقر وعدم المساواة والضعف من خلال مساعدة الأشخاص في إدارة المخاطر على المديَيْن القريب والبعيد. وتشكّل سياسات الحماية الاجتماعية وبرامجها جزءًا من النظام الوطني الهادف إلى الحدّ من الفقر والحرمان والضعف من خلال مساعدة الأشخاص على إدارة مختلف المخاطر. يشمل هذا النظام:

  • المساعدة الاجتماعية أو شبكات الأمان: التحويلات النقدية، برامج النقد مقابل العمل، برامج التوظيف المؤقت، برامج التغذية المدرسية
  • الضمان الاجتماعي: الرواتب التقاعدية، الضمان الصحي أو ضدّ البطالة أو ضدّ الكوارث
  • التدخلات في سوق العمل: الإدماج في سوق العمل، مزايا العمل، مقاييس العمل
  • الخدمات الاجتماعية: الرعاية الاجتماعية، خدمات التغذية، خدمات الإعاقة

في هذه المذكّرة، سننظر بصورة رئيسية إلى نوع واحد من الحماية الاجتماعية، وهو المساعدة الاجتماعية التي تتقاطع أدواتها أكثر من سواها مع تلك التي يستخدمها العاملون في المجال الإنساني. تشكلّ التحويلات النقدية والنقد مقابل العمل وبرامج التغذية المدرسية جزءًا من الأنشطة المعتادة في الاستجابة لحالات الطوارئ، وكذلك في مقاربة التمويل القائم على التنبّؤ. ومع ذلك، يمكن أن تكون الخدمات الاجتماعية والضمان الاجتماعي وغيرهما ذات أهمية في هذا المجال. إلّا أن التركيز في نظام الحماية الاجتماعية ينصبّ على إنشاء نظام وطني مع تمويل متعدد السنوات (من خلال أموال محلية في نهاية المطاف) لإدارة المخاطر على المديَيْن القريب والبعيد بطريقة مستدامة ماليًا ويمكن التنبّؤ بها. يتم توفير تحويلات الحماية الاجتماعية عادةً على شكل دعم طويل الأمد يمكن التنبّؤ به إلى الأسر المهدّدة بخطر الوقوع في الفقر. يمكن تقديم هذا النوع من الدعم عبر مختلف الوسائل، ومنها النقد مباشرة أو القسائم أو الدفعات الرقمية أو الخدمات النقدية المتنقلة. ويتم تسليم بعض التحويلات الاجتماعية مثل التغذية المدرسية بشكل عيني.

تشتمل مقاربات الحماية الاجتماعية المستجيبة للصدمات والمراعية للمناخ على البرامج المرنة القابلة للتطوير والتي تصل بسرعة إلى المتأثرين جرّاء صدمةٍ ما. على سبيل المثال، يمكن أن يساعد برنامج يوفّر التحويلات النقدية بعد صدمةٍ ما الأسر الضعيفة على تجنّب استراتيجيات التكيّف السلبية.

الحماية الاجتماعية المستجيبة للصدمات والمراعية للمناخ

بعد حدوث صدمة ما، تساعد منافع الحماية الاجتماعية الناس على استيعاب الآثار المترتّبة من خلال توفير الدعم المباشر للفئات المتضررة وتجنّب بعض التداعيات السلبية. على سبيل المثال، سمح برنامج Progresa للتحويلات النقدية المشروطة في المكسيك للأسر الفقيرة المتضررة من الجفاف بإبقاء أطفالها في المدرسة.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن للحماية الاجتماعية توفير منافع تساعد الناس على تجنّب الآثار الناتجة عن الكوارث و/أو تخفيف وطأتها قبل أن تحدث من خلال اتّخاذ إجراءات مبكرة وتحسين المداخيل وسبل العيش. على سبيل المثال، بعد الجفاف الذي ضرب كينيا في العام 2011، ازداد معدّل الفقر بنسبة 5%، لكنّ المستفيدين من برنامج شبكة الأمان ضدّ الجوع الذين كانوا يتلقّون تحويلات منتظمة مسبقًا كانوا في منأى عن ذلك لأنّ الدفعات الدورية ساعدتهم على بناء مخزون احتياطي.

لمزيد من المعلومات، يمكن الاطّلاع على “7 أمور يجب معرفتها حول إدارة الخطر المرتبط بالمناخ من خلال الحماية الاجتماعية”.

الفرص: لماذا الربط بين التمويل القائم على التنبّؤ والحماية الاجتماعية؟

من خلال دمج مقاربة التمويل القائم على التنبّؤ مع أنظمة الحماية الاجتماعية، يمكننا الاستفادة من التآزر لاتّخاذ إجراءات مبكرة قبل أن تتجسّد آثار الكوارث؛ كما يمكننا لعب دور أساسي في الحدّ من آثار الكوارث وبناء المرونة وحماية مكاسب التنمية.

يهدف ربط العمل القائم على التنبّؤ ببرامج الحماية الاجتماعية إلى الاستفادة بشكل أفضل من الأنظمة القائمة لحماية الأشخاص قبل حدوث الكوارث، وخصوصًا من خلال دعم بعض الميزات الأساسية:

النطاق

في أغلب الأحيان، تستند الحماية الاجتماعية إلى أنظمة واسعة النطاق وطويلة الأجل وملك للدولة. تطال هذه الأنظمة فئات كبيرة من السكّان: ففي العام 2015، اندرج اسم أكثر من 1.9 مليار شخصٍ في 136 دولة ذات الدخل المنخفض والمتوسّط على لوائح المستفيدين من برامج شبكات الأمان الاجتماعي (البنك الدولي، 2015).

الأنظمة

في السنوات الأخيرة، قامت الحكومات والجهات المانحة باستثمارات كبيرة في إعداد أنظمة الحماية الاجتماعية التي تزيد من التنسيق وبناء الهياكل الداعمة (الموظفون والأدوات والموارد)، بالإضافة إلى أنظمة تحديد المستفيدين وتسجيلهم وإيصال المنافع وإدارة المعلومات. لا يقتصر استخدام هذه الأنظمة على حالات الطوارئ فحسب، بل قبل حدوثها أيضًا للوصول إلى المستفيدين الحاليين من خلال إجراءات مبكرة و/أو لتحديد مستفيدين جدد وتسجيلهم.

الفئات السكّانية الضعيفة

تهدف برامج المساعدة الاجتماعية إلى توفير الدعم لمن يصنّفون على أنهم فقراء و/أو ضعفاء والذين يكونون في كثيرٍ من الأحيان أكثر عرضة للصدمات المرتبطة بالمناخ. في معظم الحالات، يُحتمل أن يكون السكّان الذين يشكّلون جزءًا من خدمات الحماية الاجتماعية أكثر تأثّرًا بالمخاطر نظرًا إلى كونهم ضعفاء ومعرّضون.

السرعة

يجب أن تكون برامج الحماية الاجتماعية المستجيبة للصدمات قادرة على التوسّع بسرعة خلال أزمةٍ ما والعودة إلى ما كانت عليه بمجرّد انتهائها. وتُعتبر آلية العمل القائم على التنبّؤ جزءًا أساسيًا من نظام كهذا، ما يساعد في وضع مؤشّرات موضوعية وخطط عمل متّفق عليها، بالإضافة إلى تمويل محصّن يتيح اتخاذ إجراءات استباقية.

ما الشكل الذي قد يتّخذه دمج التمويل القائم على التنبّؤ والحماية الاجتماعية؟

على الرغم من عدم وجود سوى بعض التجارب في مجال الحماية الاجتماعية المستجيبة للصدمات المرتبطة بالتمويل القائم على التنبّؤ، إلّا أنّ البعض وضعوا تصوّرًا لنماذج محتملة قد يحدث هذا التكامل بموجبها بناءً على التجارب الحالية مع مقاربات التمويل القائم على التنبّؤ. في مقالة مفاهيمية (كوستيلّا وآخرون 2017)، يتم وصف بعض الخيارات الممكنة (الشكل 1 والشكل 2).

في الشكل 1، يشكّل العمل الاستباقي من خلال الحماية الاجتماعية جزءًا من النظام الوطني للتمويل القائم على التنبّؤ.

في الشكل 2، تمّ إدراج آلية التمويل القائم على التنبّؤ ضمن برنامج حماية اجتماعية قائم، الأمر الذي قد يكون مهمًا بشكلٍ خاص لبرامج الحماية الاجتماعية التي لديها بالفعل نظام قابل للتطوير.

بحسب المهلة المتاحة، يمكن تفعيل عددٍ من إجراءات الحماية الاجتماعية. على سبيل المثال، يمكن توسيع جهود الأشغال العامة في المهلة التي تتراوح ما بين شهر وثلاثة أشهر لتعزيز البنية التحتية الأساسية. في الإطار الزمني الذي يتراوح من ثلاثة إلى سبعة أيام، يمكن الإفراج عن التحويلات النقدية غير المشروطة لدعم إجلاء الأشخاص والأصول أو لمساعدة هؤلاء على تجنّب اللجوء إلى قروض عالية الفائدة. يجب أن تكون الإجراءات متّسقة مع خطط الحكومة للطوارئ وبروتوكولات العمل المُبكر.

التحديات المحتملة

ثمة عدد من الفرص، ولكن في المقابل ثمة تحديات ناتجة عن ربط التمويل القائم على التنبّؤ بالحماية الاجتماعية، نذكر في ما يلي بعضًا منها:

الاستهداف

في حين أنّ برامج الحماية الاجتماعية غالبًا ما تستهدف الفئات الأكثر ضعفًا، إلّا أنّه في بعض الحالات، قد لا يكون الأشخاص الأكثر تضررًا من خطر مناخيّ معيّن هم الذين يُعتبرون عادةً معرّضين للخطر بموجب مقاربة الحماية الاجتماعية ومسجّلين في سجلات البرامج الحالية. يعدّ فهم الضعف المرتبط بالمناخ تجاه الأخطار المنفردة أو المتعدّدة أمرًا مهمًّا في مواءمة السكّان المستهدفين في مقاربة مشتركةٍ بين التمويل القائم على التنبّؤ والحماية الاجتماعية. لمزيد من المعلومات، يمكن الاطّلاع على هذه الدراسة من كينيا.

الإجراءات

على غرار ذلك، يُعتبر اكتشاف نقاط الضعف المتعلقة بالمناخ وتأثير الكوارث التاريخي وفهمها أمرًا ضروريًا لتحديد أولويات إجراءات نظام التمويل القائم على التنبّؤ – الحماية الاجتماعية المشترك. على سبيل المثال، قد لا يساعد نوع الدعم المقدّم من خلال آلية الحماية الاجتماعية (الأشغال العامة أو النقد أو التقديمات العينية) الأسر في مواجهة آثار صدمة معينة، فيُعتبر فهم الآثار المحتملة لصدمة ما على السكان المستهدفين أمرًا أساسيًا. بالإضافة إلى ذلك، من غير المحتمل أن يلغي العمل القائم على التنبّؤ بالكامل الحاجة إلى الاستجابة اللاحقة، على الرغم من أنه يمكن أن يقللها إلى حدّ كبير، وقد تدعو الحاجة إلى إجراءات استجابة مناسبة.

القدرات

إن أنظمة الحماية الاجتماعية في بعض الدول حديثة العهد، تمامًا مثل مقاربات التمويل القائم على التنبّؤ. لذا من المهم ضمان إمكانية توجيه الموارد والقدرات الموجودة نحو آلية التمويل القائم على التنبّؤ – الحماية الاجتماعية، ومن المرجح أن يحدث ذلك فقط عندما تكون مقاربة مماثلة من الأولويات لدى القطاعات ذات الصلة والجهات الرسمية في الحكومات الوطنية.

التمويل

يتطلّب تمويل نظام العمل القائم على التنبّؤ التغلّب على تحديات كبيرة في طريقة هيكلة التمويل. ففي حين أنّ توجيه التمويل من خلال نظام الحماية الاجتماعية الحالي قد يكون فعالًا من حيث التكلفة ويمكن استخدام أموال الطوارئ أو احتياطيات الميزانية من أموال البرنامج، إلّا أن مصادر التمويل الإضافية والمستدامة قد تكون مطلوبة لاتّخاذ إجراءات مستدامة على نطاق واسع.

التنسيق

تتطلّب المواءمة الناجحة شراكات وتنسيقًا بين مختلف الأطراف المعنية. غالبًا ما يكون هذا الأمر صعبًا لأنّه يستلزم تنسيقًا بين مختلف الولايات والمصالح وعمليات صنع القرار والأولويات.

كيف يتحقق ذلك؟

للمضي قدمًا في جدول الأعمال هذا، يجب أن تتقارب القطاعات ذات الصلة، مثل ممارسي الحماية الاجتماعية ومديري مخاطر الكوارث وعلماء المناخ والعلوم الاجتماعية لمناقشة العناصر الواردة أدناه. من المهم أن تنظر دراسات الإمكانية في هذا الخيار، وأن تؤخذ العناصر التالية في الاعتبار في مرحلتي تحديد النطاق والتصميم، وكذلك عند توسيع نطاق آليات التمويل القائم على التنبّؤ:

الخطوة الأولى: فهم السياق

أولًا، من المهم فهم سياسة الحماية الاجتماعية الحالية وسياق البرنامج لفهم نقاط الدخول. على سبيل المثال، قد توفّر الأطر السياساتيّة الجديدة الخاصة بالحماية الاجتماعية فرصة لمواءمة الوكالات الحكومية والولايات على أعلى مستوى للسماح بالتنفيذ المستقبلي للمقاربات المشتركة. يمكن أن يوفّر برنامج المساعدة الاجتماعية الجديد أيضًا فرصة لاختبار مقاربة التمويل القائم على التنبّؤ أو إطلاق نسخة تجريبية منه.

الخطوة الثانية: التحليل الفني المعمّق

كجزءٍ من تصميم نظام التمويل القائم على التنبّؤ، من المهم فهم كيفية ارتباط المخاطر بالآثار على حياة الناس وسبل معيشتهم. عند ربط نظام التمويل القائم على التنبّؤ بآليات الحماية الاجتماعية، من الضروري تحليل كيفية تداخل الضعف بسبب المناخ والتعرّض له مع آليات الحماية الاجتماعية القائمة.

الخطوة الثالثة: دعم الروابط بين برامج التمويل القائم على التنبّؤ والحماية الاجتماعية وأنظمتها

عندما تكون برامج الحماية الاجتماعية موجودة بالفعل وثمة مصلحة مشتركة في جعلها قابلة للتطوير من خلال مقاربة التمويل القائم على التنبّؤ، سيكون من المهم فهم كيفية تداخل النطاق الجغرافي والمجموعات المستهدفة، بالإضافة إلى الإجراءات المحددة التي يمكن اتّخاذها من خلال برنامج كهذا. وتعدّ القدرات والموارد نقطة مهمة في هذا الإطار. كجزء من دراسة إمكانية التمويل القائم على التنبّؤ واستراتيجية المناصرة، من الضروري تحديد من يفعل ماذا وأين في ما يتعلق بالحماية الاجتماعية (الخطط السابقة والحالية والمستقبلية).

حتى إذا لم تكن برامج الحماية الاجتماعية جاهزة للربط بآليات التمويل القائم على التنبّؤ، فقد تكون هناك فرص للتكامل أو التعاون من خلال استخدام الأنظمة المشتركة، خاصة سجلات السكّان أو المستفيدين وأنظمة تحديد الهوية. من المهم فهم البيانات المتوفرة ومدى ارتباطها بنقاط الضعف المتعلقة بالمناخ ووتيرة تحديثها، وما إلى ذلك.

الخطوة الرابعة: إعطاء الأولوية للحوار والتفاهم

من الضروري تحفيز الحوار والتفاهم عبر القطاعات وإنشاء عملية تهدف إلى تقريب أهداف العمل الاستباقي على مستوى السياسات والبرامج.

الخطوة الخامسة: البدء ببساطة وبناء الالتزام

بحسب الوضع المحلي، يمكن إدخال نظام التمويل القائم على التنبّؤ، على مراحل، فيستهدف في بادئ الأمر أكثر الأخطار التي يمكن التنبؤ بها والتي تتطلّب إجراءات مبكرة بسيطة نسبيًا وبتكلفة معقولة، ثم التوسع إلى إجراءات أكثر تعقيدًا أو أحداث لا يمكن التنبّؤ بها بسهولة. سيكون من المهم أن تلتزم الجهات المانحة والحكومات بالتمويل وبتصميم تقييمات نتائج استثماراتها في الحماية الاجتماعية للنظر في ما إذا كان قد تم اتخاذ إجراءات مبكرة وتحديد الفرق الذي قد أحدثه ذلك.

رزمة الأدوات